--- شباب اليوم ... نفسية منهكة.. وآلام متجددة .. لماذا؟؟ --

بسم الله الرحمن الرحيم
* * *
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

النفس البشرية تشكيلة غريبة عجيبة .. خلقها الله تعالى فأبدع في خلقها..
ووضع فيها كبير آياته وآلاءه العظيمة ...
أمرنا سبحانه أن نصونها ونحميها ..وأن نزكيها.. فهي لدينا أمانة ...
لذلك فهناك من يسعى إلى تزكيتها وتحسينها وتطويرها ..
وهناك بالمقابل من يسعى إلى تخريبها .. وإبعادها عن الطريق الحق الذي من المفروض أن تسير عليه.. وهي التي قد جُبلت عليه..
وما أصبحنا نراه اليوم من مشاكل نفسية كثيرة.. وعقد نفسية تشل العزائم..
وأحاسيس متجذرة في العواطف.. وآفات مغروسة في باطن أرض الفؤاد..
ومعاناة من اكتئاب.. وقلق.. وعدم أمن واستقرار ..
كلها ترجع إلى عدم استقامة النفس البشرية ...
فلو أخذنا نفس أحد أفراد جيل اليوم كعينة.. أي شاب في سن العشرينات أو شابة حتى لم لا..
وحللناها في مخبر نفسي إن صح القول.. لوجدناها تتكدس بنفايات الهموم والغموم..
ولوجدناها تأن من تراكم الزلل والأخطاء.. وتحن للسكينة والاستقرار ..
شباب اليوم صار يمضي يومه في اللاشيء ... بكل بساطة الكلمات ..
من طلوع صباح اليوم .. إلى الخروج إلى الدراسة أو العمل.. إلى الالتقاء بالأصدقاء والصديقات.. إلى قضاء وقت الغذاء .. أو شاي ما بعد الظهيرة..
إلى غاية الرجوع إلى البيت في آخر النهار ..
لقد أصبحت ألاحظ شخصيا كل صباح وأنا على الحافلة أو في الطريق.. أو أي مكان ..
شبابا ضائعا أقل ما تحمله لهم في دواخلك هو الشفقة ..
يميزهم ذاك الشعر الشائك الذي يستقيم باتجاه السماء .. كأنه يحن لها ..
وفي آذانهم سماعات لكأنها مكبرات صوت .. إذ أنك تسمع كل أغنية يسمعها صاحبها ..
بل قُل إنها موسيقى بشعة .. إذ حتى كلمة أغنية لا يمكن أن تُطلق على ما أصبحوا يستمعون إليه..
أصوات صاخبة وكلمات لا يكادون يفهمون معناها.. وأتحدى من كان يسمع إلى كلماتها الصاخبة أنه يفهم شيئا مما يُقال..
فكيف بالله أن يصطبح أحد على موسيقى كهذه ويمضي يومه بصفة عادية..
أكيد أن نفسه ستهتز وتصعد لتهبط إلى أدنى حضيض..
بل إنه سيفقد كل معنوياته ومشاعره المتوازنة بهذه الأصوات الرهيبة ..
ثم ها هو النهار يطلع.. وهاهي مجموعات الشباب تجتمع لتكون حلقات أمام الطرقات مانعين حركة المارة والسير بصفة طبيعية .. وها هي كلماتهم الرنانة الساقطة تتناثر هنا وهنالك ..
وليحاول أحد أن يمنعهم مما يقولون أو أن يربيهم!..
أو ها هم أمام أبواب الثانويات يتصيدن الفتيات ..
والفتيات ها هن يتسكعن أو يضيعن أوقاتهن في التوافه من الحديث..
أو عند الحلاقات أو المحلات اللواتي قد حفظهن أصحابها..
وكادوا يعرفون أوقات خروجهن ودخولهن حتى ..
فبالله كيف لأمة تريد أن تنهض وتزدهر لتنمو.. وشبابها لا تشغله إلا التوافه من الأمور ..
وكيف لا يصرخ شبابها ويئنون من عدم إيجاد الراحة والطمأنينة والسكينة..
وينادون في كل مكان .. أريد أن أهرب من نفسي ..

صارت النفس ثقيلة على شبابنا .. تتعبهم أكثر مما تعينهم..
وتأخذهم للهاوية أكثر مما تعيد استقامتهم.. وصار الشباب عوض أن يشتكون من محيطهم أو من أفراد معينين ..
صاروا يشتكون من أنفسهم.. ويتمنون الهروب من معاناتهم بها..
صارت النفس تتألم ولا تجد من يُقومها.. وصارت تتسخ ولا تجد من يغسلها..
وصارت تهتز ولا تجد من يأخذ بيدها.. وصارت تتلاشى ولا تجد من يعيد بنائها ..
أذكر قصة سمعتها ذات يوم على لسان أحد الدعاة وهو يروي كيف سقطت بلاد الأندلس بعد زهاء مئات السنين وهي تدين بالإسلام..
إذ حاول من حاولوا الإيقاع بالمسلمين بإدخال جواسيس لهم في كل مكان متجهين بالخصوص إلى فئة الشباب، للتجسس عليهم ومعرفة كوامن أنفسهم وما يحملون في صدورهم..
وقد جاء الخبر من أحد الجواسيس أنه استمتع إلى أحد الشباب الذي وجده باكيا، وهو يحدث صديقه الذي يسأله عن سبب بكائه فأشار إليه أنه يبكي لأن نتائجه لم تكن مرضية وهو لم يكن يتمنى أن تكون سيئة إلى تلك الدرجة..
فرجع الجاسوس خائبا قائلا: إن أمة يبكي شبابها من أجل عدم جديتهم ونجاحهم في الدراسة لهي أمة صعب التوغل إليها..
وبعد سنوات عدة، عاد جاسوس آخر ليتغلغل مجددا بين شباب الأمة الإسلامية آنذاك ليجد شابا حزينا واضعا يديه على خديه متحسرا..
فسأله عن سبب تعاسته فرد عليه: حبيبتي تركتني وأنا الذي كنت هائما بها مخلصا لها..
فقال الجاسوس الآن يمكننا الدخول..
وبالفعل بعد مئات السنين في العيش في ظل الإسلام، وبعد وقت قصير تم القضاء على مسلميها وأصبحت الأندلس بلادا غربية وأصبح الإسلام فيها مجرد بقايا آثار هناك تحولت أغلب مساجدها إلى كنائس وحتى إلى ملاهي!!..
وصار الإسلام ذكرى من ذكريات الأندلس ..

إذن إن طريق محو الأمة وحضارتها ودينها هو شبابها..
فإن كان شبابها ضائعا تافها.. تشغله التوافه.. فإن زعزعة الأمة أمر سهل..
بل لا يوجد أسهل منه..
والعكس صحيح إن كان شبابها قوي النفس عالي الهمة.. تشغله أمور دينه قبل دنياه..
وتشغله هموم أمته قبل همه... فإن قوة الأمة ستكمن في صدورهم..

فإلى متى سيظل شبابنا هائمين في التفاهة.. غاطين رؤوسهم تحت ركام الخطايا..
آخذين بأنفسهم إلى خبايا كهوف الظلال..

نعم اخي الكريم ان الضمير غائب تماما وخاصة في هذا الوقت بالذات
ذهبت الاخلاق كليا واصبحنا نقلد الغرب في تقاليدهم تقليد اعمى
الله يسترنا


شكرا لك الاخ الكريم على الموضو على للحساس
وان شاء الله عودة للرد على هذا النقاش