موضوع: الأشجار: دورات طويلة وأسئلة عميقة 2008-10-11, 18:53
]بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا تشابه الغابات الحقول، كما أن الأشجار تحتاج في نموها إلى وقت أطول من المحاصيل. وفي قطاع الغابات فإن التعديل الوراثي يثير بضع القضايا الخاصة.
أشارت توقعات المنظمة إلى أن الطلب العالمي على الخشب سيزداد بنسبة 25 في المائة بين عامي 1996 و2010 . ولن تُلبى هذه الزيادة بالاعتماد على الغابات الطبيعية، فنسبة 35 في المائة من الأخشاب الصناعية تأتي من المزارع الشجرية الضخمة، رغم أنها كانت تشكل نسبة 5 في المائة فقط من مجموع الغطاء الحرجي عام 2000 .
وستتسع رقعة المزارع المذكورة لتلبي الطلب. وعلى المستوى العالمي زادت هذه الرقعة بمقدار أربعة أضعاف بين عامي 1990 و2000 ، ومن المنتظر أن يتواصل هذا الاتجاه، ولاسيما في البلدان النامية. فمن أين ستتوافر الأراضي اللازمة لذلك؟
يقول بيير سيغو خبير علم الوراثة الحرجي ''إن من المتعذر تجاهل أي استراتيجية صائبة لتعزيز القدرة الإنتاجية للمزارع الضخمة. ويمكن أن تتضمن مثل هذه الاستراتيجيات الأشجار المعدَّلة وراثيا. غير أنها تشتمل أيضاً على تحسين اصطفاء البذور وأساليب الإدارة''.
ويشير سيغو أنه حينما يحتاج الأمر إلى تحسين وراثي فإن ما هو متاح من قدرات كامنة في الموارد الوراثية الحرجية أكبر حجماً بكثير مما هو متوافر للزراعة حيث تم استئناس المحاصيل عموماً وحيث تتوافر أعداد قليلة فحسب من الأقارب البرية التي يمكن اللجوء إليها لأغراض الإكثار. وهكذا فإن تكنولوجيا الكائنات الحية المعدَّلة وراثياً يمكن أن تضطلع بدور في هذا المجال، غير أن استخدامها سيقتصر على حراجة المزارع الضخمة، في حين سيظل الجانب الأعظم من الغابات في العالم غابات طبيعية.
الدورات الحياتية الطويلة تعني قسطاً أكبر من عدم الاستقرار كلما طال أمد نمو الكائن الحي ازدادت فرص التغاير في بيئته. ونتيجة لذلك فإن الأشجار المعدَّلة بيئياً تطرح تحديات فريدة. فطول عمر الشجرة يعني زيادة احتمالات تعرضها لظروف الإجهاد، مثل الأحوال المناخية وغزو الآفات، مما قد يطلق ردوداً وراثية غير متوقعة. كما أن بطء نمو الأشجار يعني أن المشكلات ستتطلب وقتاً أطول لتبرز إلى العيان.
ويتعلق أحد المخاطر بانتشار المورِّثات المعدَّلة في العشائر الطبيعية، حيث أن غبار طلع الأشجار يتوزع على نطاق واسع. ومن جهة أخرى فإن المزارع الضخمة كثيراً ما تعتمد على أنواع مجلوبة ليس لها أقارب برية تنمو في الجوار، مما يحد من فرص التهجين مع العشائر الطبيعية.
على أن الفوارق القائمة بين فئتي الأشجار والمحاصيل لا تعني رجحان إحداهما على الأخرى على الدوام. ويقول الدكتور سيغو ''إن بمقدورك بالنسبة للمحاصيل أن تكيِّف البيئة لتناسب احتياجات النبات وذلك بالاعتماد على علم الزراعة وعلى المواد الكيميائية. ولكن الغابات تحتاج إلى سنوات أو عقود لتصل إلى مرحلة النضج، ومن ثم فإن مثل هذه الأساليب غالباً ما لا تكون مجزية اقتصادياً، إضافة إلى خضوعها، على أية حال، إلى القيود التنظيمية. وهكذا فإن من الواجب أن تكون الشجرة صالحة للبيئة، سواء أكانت معدَّلة وراثياً أم لا. وهناك بضعة أنواع فحسب يمكن أن يوفر لها التعديل الوراثي مزايا مهمة بالمقارنة مع الاصطفاء الطبيعية وبرامج التحسين.
ومهما يكن من أمر فإن العوائق التجارية تحد من فرص التعديل الوراثي للأشجار. وتتطلب زراعة أشجار المزارع واستخلاص منافعها الكثير من الوقت والمال، وهو ما ينطبق أيضاً على الاختبارات. وبسبب ذلك ونتيجة ما يشعر به الرأي العام من قلق، فلم يتم حتى الآن غرس الأشجار المعدَّلة وراثياً على المستوى التجاري، ولو أنه أجريت بالفعل بحوث كثيرة في هذا الميدان، ولاسيما بالنسبة لأنواع أشجار المزارع وفيرة الغلة.
الفرص والمخاطر وبالإضافة إلى سرعة النمو فإن الصفات المنتظرة من الأشجار المعدَّلة وراثياً تشمل ما يلي: تحسين شكل الأشجار؛ واتساق نوعية الأخشاب؛ وخفض أو تعديل محتوى الخشبين؛ والمناعة إزاء الآفات؛ وتحمل مبيدات الأعشاب؛ والعقم؛ والقدرة على التكيف مع البيئات القاسية.
* والخشبين هو نسيج غليظ يمنح المتانة لجدران الخلايا النباتية ويساعد على إسناد الأشجار. ويتطلب تفكيك هذا النسيج أثناء عمليات إنتاج اللب والورق استخدام مواد كيميائية مكلفة وخطرة على البيئة. وبالمستطاع معالجة الأشجار ذات المحتوى المنخفض من الخشبين بطريقة أرخص وأنظف. غير أن مثل هذه الأشجار قد تكون أقل مناعة إزاء الآفات والرياح الشديدة.
* أدرجت صفات المناعة إزاء الآفات بالفعل في المحاصيل الغذائية المعدَّلة وراثياً التي تم طرحها على المستوى التجاري. وتعمل هذه الصفات على دفع المحاصيل إلى إنتاج سموم تقتل الآفات ثم تتحلل بسرعة في البيئة، بحيث تكون أضرارها البيئية المباشرة قليلة. ويمكن استخدام التقنية ذاتها في الأشجار، ولو أن هناك مخاوف من أن دورات حياتها الطويلة يمكن أن تمنح الآفات فرصة تطوير مناعة إزاء تلك السموم.
* يمكن أن تسمح القدرة على تحمل مبيدات الأعشاب باستعمال هذه المواد على نحو أشد استهدافاً، مما يقلل من الكميات المستخدمة منها. غير أن هذا التطبيق أقل أهمية في هذا المجال منه فيما يتعلق بالمحاصيل. ففي قطاع الغابات قلما تُستخدم مبيدات الأعشاب، ويقتصر هذا الاستخدام على مرحلة إنشاء الغابات.
ويمكن مستقبلاً أن يكون هناك عدد أكبر من التطبيقات الملائمة للبيئة. فبمقدور الأشجار منع حدوث ظاهرة تدهور التربة أو معالجتها، كما أن تحسين الأشجار، سواء عن طريق التعديل الوراثي أم لا، يمكن أن يتيح فرصاً جديدة من هذا النوع. وتستطيع الأشجار التي يتم إكثارها لغرسها في البيئات القاسية أن تسهم في حماية الأراضي الهشة على تخوم الصحراء، في حين أن الأشجار المكثرة لتحمل الملوحة قد تساعد على استرداد القدرة الإنتاجية للأراضي المتضررة من أساليب الري الرديئة. وبالإضافة إلى الإمكانيات التجارية للأشجار سريعة النمو فإنها يمكن أن تساعد في مكافحة الاحترار العالمي باستخلاصها لكميات أكبر من ثاني أوكسيد الكربون من الجو وتحويله إلى مواد نباتية، وهي العملية التي يُطلق عليها اسم احتجاز الكربون.
ماذا عن اعتبارات السلامة في هذه التكنولوجيا؟ ما من أحد يقتات بالخشب. غير أن المواد الوراثية للأشجار تدخل في السلسلة الغذائية، من خلال غبار الطلع، والعسل، والثمار البرية، والطرائد مثلا. وعلى سبيل المثال فثمة احتمالات كبيرة لإغفال المخاطر البيئية طويلة الأمد، وذلك بسب بعد شقة مزارع الأشجار وعدم خضوعها للمراقبة الصارمة. وعلى أية حال فإن الحاجة تدعو إلى إخضاع كل الأنواع الشجرية 'الطبيعية' أو المحسنة لمراقبة دقيقة، سواء أكانت قد خضعت للتعديل الجيني أم لا.
ويشكل تعقيم الأشجار المعدَّلة وراثياً بحيث لا تتكاثر ولا تطلق مواد معدَّلة وراثياً إلى البيئة ضمانة مهمة، غير أنها هذا التدبير قد لا يكون موثوقاً بشكل كامل. وقد تؤدي الأشجار المحرومة من سمات التكاثر إلى الحد من تنوع الطيور والحشرات التي تقتات عليها. وتتطلب هذه المسائل اتباع الحيطة والحذر، وهو ما ينطبق أيضاً على التكاليف والجهود الموظَّفة في مثل هذه التكنولوجيا والوقت اللازم لاسترداد الاستثمارات.
وتشمل المثبطات التي تواجه استخدام تكنولوجيا التعديل الوراثي في قطاع الغابات ذلك التنوع الواسع، وغير المدروس عموماً، للأصناف الحرجية القائمة. وبالمستطاع استعمال جانب كبير من هذا التنوع في تعزيز القدرة الإنتاجية للغابات والمزارع الحرجية، بالاعتماد على التقنيات التقليدية لتحسين الأشجار وإكثارها إلى جانب الأساليب الصائبة لزراعة الحراج.
وقد تغدو الأشجار المعدَّلة وراثياً سلعة تجارية، وربما يؤدي ذلك إلى زيادة فوائد الأشجار بعدد من الطرق. ولكن سرعة اعتماد هذه التكنولوجيا ونطاق ذلك سيكونان على الأرجح أقل مما ستشهده القطاعات الأخرى.
Vol'jin
( مشرف)
عدد الرسائل : 1532العمر : 31المكان(وين راك) : algerالمهنة(نتا وش تدير) : etudeاهتماماتك (وش تحب) : les jeuxsms : ...........تاريخ التسجيل : 14/02/2008 بطاقة الشخصية نقاط التميز:: 15 لائحة هامة: .:
موضوع: رد: الأشجار: دورات طويلة وأسئلة عميقة 2008-10-11, 19:57